الفســاد: رؤيـــة نظريـــة

[د/سالي جمعة]

الفســاد: رؤيـــة نظريـــة
مى فريـد

مجلة السياسة الدولية العدد رقم 143 - يناير 2001

الفساد هو ظاهرة وجدت فى كل المجتمعات ، على مر العصور ، ويمكن تعريف الفساد بأنه سوء استغلال السلطة أو النفوذ لتحقيق منفعة خاصة .وقد ارتبطت نشأة الفساد فى المجتمع الحديث بعملية التحديث الاجتماعى والاقتصادى السريع ، والتى أدت الى تغيير القيم الأساسية للمجتمع.وهناك العديد من المعايير التى يتم تصنيف الفساد على أساسها ، فهناك مثلاً معيار يركز على انتماء الأفراد المنخرطين فى الفساد الى القطاع العام أو الخاص.ومعيار آخر يتعلق بالتنمية الاقتصادية ، ويتم فيه التفرقة بين التبادل الحر غير المشروط ، والتبادل الحر المقيد بشروط.


وهناك العديد من العوامل التى تؤدى الى الأفعال الفاسدة ، منها تمتع الموظفين العموميين السياسيين بدرجة أعلى من الكتمان والسرية والاحتكار ، وبدرجة أقل من المحاسبة.وكذلك عدم دقة الصياغة فى القوانين ، وانخفاض الأجور الحكومية.كذلك يكثر الفساد فى المجتمعات ذات العلاقات المترابطة والتى تمتلك منظومة اجتماعية تجبر الموظف على محاباة أقاربه وأصدقائه ليجنى منفعة فى المقابل.كما أن وضع القيود على التجارة ، وفترات التحول الاقتصادى ترتبط بزيادة معدلات الفساد.


ويساهم الفساد فى إضعاف مصداقية الدولة ، ويؤدى الى حدوث خلل فى توازن واستقرار الاقتصاد الكلى من خلال مشروعات مشوهة للتنمية ، بسبب إعطاء الأفضلية للمشروعات التى تدر رشاوى أعلى ، ومن خلال المشروعات الاجتماعية قليلة الجدوى ، والتى لاتصل الى مستحقيها بالفعل ، كذلك فإن النظام القضائى الضعيف والقوانين الهشة المصممة لخدمة مصالح السياسيين تعوق الاستثمار والنمو الاقتصادى.وحتى الدول التى استطاعت أن تحقق النمو الاقتصادى مع وجود الفساد ، فإنها سوف تدفع الثمن فى المستقبل.فالفساد يغذى نفسه مولداً سلسلة أطول من المكافآت غير القانونية ، إن ذات النمو الذى يسمح بالفساد فى وقت ما ، سوف يؤدى الى التحول من النشاط المنتج الى التنافس غير المنتج على الغنائم