انظمة الحكم والفكر السياسي
• لقد ثبت تاريخياً أن الإنسان لم يعرف حياة العزلة مطلقاً بل عاش في جماعات وذلك لما جبل علية تكوينه في حب الاجتماع والاختلاط كغريزة أساسية ، فشأنه في ذلك شأن الكائنات الأخرى فثبت إن هناك وثائق تاريخية نظمت البشر وعلاقاتهم الاجتماعية من 5/6 ألاف سنه.
• والحياة البدائية لم تعرف التنظيم السياسي بمعناه الحقيقي ، لاستحالة قيام هذا الفكر قبل الوصول الى درجة معينة من التحضر والمدنية وإرساء قواعد للسلوك البشري ، الأمر الذي يتطلب وجود تكتلات بشرية كبيرة يتعاونون لأجل دوام هذه الجماعات من خلال الاتفاق على الخير .
• فمن هذه النقطة ظهرت فكرة التنظيم السياسي في شكل أنظمة للحكم (أنظمة سياسية ) تختلف باختلاف المجتمعات .
• كلمة السياسية كما جاء تعريفها عند العرب توحي بأن الأمر يتعلق بشئون العامة ، والسياسية كلمة أساسها الرياسة ، فعند العرب إذا رأسوا شخصاً أي سوسوه وأساسوه ، والسياسية هي القيام بأمر الناس أو بمعني أخر حكم الناس أو بمعني أخير حكم ودولة .
• والمؤكد حقيقة أن الكائنات الأخرى خلاف البشر لم تحاول أن تخضع الإحداث لإرادتها بينما الإنسان حاول منذ القدم تفسيرا لظواهر المختلفة الصور والمحيطة به والتي من أهمها ظاهرة السلطة الحاكمة صاحبة الإرادة في أي تجمع بشري .
• وتلك الظاهرة بدأ تنظيمها وتفسيرها بشكل طبيعي وتلقائي ، ثم تطورت بإخضاعها للتفسير والبحث .
- وكنتيجة مباشرة ونظراً لعدم وقوف البشر عند تفسير الظاهرة فقط بل وضع منهاجاً وأسلوباً لمعالجتها وتنظيمها ظهر الفكر السياسي والنظريات السياسية المختلفة ليصل الإنسان من خلالها الى الوسيلة المثلي والفضلى في تنظيم حياته الجماعية بشتي مجالاتها .
• فمن القدم عرفت الجماعات البشرية معضلة التنظيم وحكم نفسها وذلك من خلال صوراً مختلفة من الأنظمة (أنظمة الحكم ) ، وعلى الرغم من اختلاف تلك الأنظمة واختلاف مشاكلها من عصر إلى عصر ومن بلد إلى بلد ، الا أنها تكاد تتفق تماماً على أنها وسيلة لمعالجة مشكلة السلطة الحاكمة وصاحب الإرادة العليا في أي تكتل أو جماعات بشرية ومن هو صاحب اتخاذ القرار اللازم لترتيب أمور عامة الناس والتي اختلفت أيضاً من حيث الزمان والمكان .
• ولا شك إن فكرة السيادة أدت إلى ظهور الوسائل اللازمة لتنظيمها بحيث كان تنظيمها وفق عادات وتقاليد مختلفة من ثم تطورت لتنظم وفق العقل و المنطق السليم من خلال ما يعرف بالقانون الطبيعي .
• إلى إن وصلت أو تحولت مجمل تلك العادات وقواعد المنطق السليم إلى ما يسمي القانون الوضعي والذي اعتمد في البداية على إدارة الحاكم الفرد كمصدر للقانون وأساس للقاعدة المنظمة للسلوك ، تم على سيادة الشعب وإدارته وفق وفق قيام نظرية الشعب يحكم نفسه بنفسه ، وعهد إلى جهات تشريعية لوضع القوانين والقواعد المنظمة للسلوك البشري الملائمة لحاجاته، وإعداد المواطن القادر على صيانة مبادئ الحرية والعدالة.
-منقول-